شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   العلوم و التكنولوجيا --- كل جديد ---- في كل المجالات (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=313)
-   -   تحديات البحث التربوي العربي: أبحاث التعليم المختلط نموذجا (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=211666)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 10-10-2015 02:53 AM

تحديات البحث التربوي العربي: أبحاث التعليم المختلط نموذجا
 
تحديات البحث التربوي العربي: أبحاث التعليم المختلط نموذجا
د. مصطفى صادقي


مقـدمة


مجال التربية واحد من المجالات التي تتجلَّى فيها صور التبعيَّة العربيَّة للأنماط الغربيَّة، وهنا يأخذ الاستتباع الحضاري أبعد مدًى، لتصبح المدرسة الغربيَّة النموذجَ الأرقى الذي تتشوَّف المدرسة العربيَّة للتشبُّه به، وليتحوَّل البحث التربويُّ العربي إلى مجرَّد رجع صدًى لكلِّ صيحة تصدر عن أهل الاختصاص في بلدان المركز.



في هذا السِّياق، كان للعامل اللغوي الأثرُ الأبرز في نَقل التربية الغربيَّة إلى العالَم العربي؛ حيث أضحَت الترجمة بمثابة القَناة التي تروي الحقلَ التربويَّ لدينا؛ ومن ثمَّ كانت سيادة التعاليم التربوية الأنجلوسكسونية في دول المشرق العربيِّ، والأدبيات التربوية الفرنكفونية في أقطار المغرب العربي؛ وهكذا، لا يزال التعليم لدينا أسير قيدَين اثنين: قيد التبعيَّة، وقيد اللغة.



لنبتعد قليلاً عن منطق جلد الذَّات، ولنلتمس لأنفسنا العذرَ في كون التربية من المشتركات الإنسانيَّة، ومن الحِكمة التي ننشدها، سواء أكان ذلك من الغرب أم الشرق، وسواء أكان بهذا اللِّسان أم ذك؛ فهل كان التربويُّون العرب - في ما عدا ذلك - أحرارًا؟ وهل بلَّغوا عن المدرستين الأنجلوسكسونية والفرنكفونية ما يتداوَل فيهما من إشكالاتٍ تربويَّة بأمانة وتجرُّد؟ وهل نقلوا لطالب التربية وللقارئ العربيِّ الصورةَ كاملة كما هي عند أهلها؟ أو أنَّهم اقتصروا على أجزاء محدَّدة منها فقط؟



الصورة المنقولة:

لا يفوتنا أن نذكر أنَّ المراد بنقل الصورة التربويَّة من الغرب إنَّما المقصود به تحقيق شيء من التناسب النَّوعي بين الأصل (الغربي) والفرعِ (العربي)، أمَّا التناسب الكمِّي، فلا مجال للحديث عنه؛ إذ إنَّ الركود الثقافي، والعزوف عن القراءة، وتثاقل حرَكة الترجمة... كلُّها عوامل تَجعل من التفاوت في كمِّ الإنتاج التربوي بين العالَمين العربي والغربي حقيقةً لا مناص منها.



فهل تعدُّ القضايا البيداغوجية المتداولة، والأسئلة التربويَّة التي تشغل بال التربويِّين العرب، صورةً مصغَّرة عن مثيلاتها لدى الغربيِّين؟ وهل تعبِّر هذه الصورة المصغَّرة عن كلِّ إشكالات واتِّجاهات البحث التربوي لدى الغرب؟ بعبارةٍ أخرى: هل كان التربويُّون العرب (ناقِلو التربية) أمناء في تبليغ الرِّسالة التربويَّة والتبشير بها لدى مجتمعاتهم العربيَّة؟ وهل نقلوا الصورةَ كما هي دون تصرُّف بإغفال مجالاتٍ والسُّكوت عن أخرى، في مقابل الاهتمام بمواضيع خاصَّة والتركيز عليها دون غيرها؟



لستُ أزعم ما لا دليل عليه إذا قلتُ: إنَّ العامل الاقتصادي كان له أثر بالِغ في تحديد مسار الإنتاج التربوي وحركيَّته لدَينا؛ ذلك أنَّ التربية أضحَت إحدى الأسواق المشرعة في وجه الرأسماليَّة[1]، وليس خافيًا أنَّ قانون العرض والطلَب أصبح يسري على الكثير من المنتجات التربويَّة، وليس البحث الأكاديمي بمنأًى عن ذلك، ولئن كان البحث التربويُّ الغربي يجد الرِّعايةَ والتمويل من المؤسَّسات الرَّسمية التي لا يكون هَمُّها ربحيًّا في الغالب (ممَّا يخفِّف من غائلة رسملة التربية وتسليع منتجاتها)؛ إلاَّ أنَّه في البلاد العربيَّة متروك لجهود الباحثين الأفراد واجتهاداتهم، وموكولٌ إلى اختياراتهم ورغباتهم الشخصيَّة، هنا يجد الباحث التربويُّ نفسَه بإزاء جملةٍ من العوامل التي تقيِّد بحثَه وتوجِّهه وجهةً تطغى فيها الاعتبارات الذاتيَّة، أقصد الإنتاج بقصد التسويق، وبالمقابل تَقف جملةٌ من العوامل المغايرة خَلف الباحث تَدفعه دفعًا إلى العزوف عن الاشتغال بكلِّ بحث تربويٍّ ليس من ورائه رِبحٌ مادِّي أو شهرة إعلاميَّة، برغم الحاجة النظريَّة أو العمليَّة إلى هذا النوع من البحوث.



من العوامل الجاذبة مسايرَة التوجُّهات الحكوميَّة في مجال التعليم، فكلَّما اتجهت دفَّة السياسة التعليميَّة نحو نمطٍ تربويٍّ خاص، إلاَّ وانحرفَت بوصلة البحث التربوي نحو هذا النَّمط، ترجمة وشرحًا وتبسيطًا واختصارًا...؛ ذلك أنَّ التأليف حسب الطلَب الحكومي لا يعدم المتابعين والزَّبائن، سواء من المقبِلين على اجتياز مباريات التوظيف، أو امتحانات الترقِية في أسلاك التَّعليم، أو من طلاَّب أقسام التربية ومعاهِد التكوين...، ولنضرب المثالَ بالحالة المغربيَّة، فمع اعتماد وزارة التربية الوطنيَّة بيداغوجيا الأهداف[2] نموذجًا للتدريس، في أواسط ثمانينيَّات القرن الماضي - انكبَّ عليها التربويُّون المغاربة ترجمة وشرحًا، ومع بدايات القرن الحالي تحولَت المنظومة التربويَّة المغربيَّة إلى اعتماد مدخل الكفايات[3]، وبالتبعيَّة انحرفَت رياحُ التأليف التربوي نحو نفس الوجهة دون مقدِّمات أو بيان لأسبابِ الأخذ بالجديد والتخلِّي عن السَّابق، بل وجدنا مَن كتب بالأمس القريب مدافعًا عن التدريس بالأهداف يَكتب اليوم عن الكِفايات دون أن يشكِّل له الانتقال من مدرسةٍ خاصة في علم النفس إلى مدرسة أخرى مغايِرة - أيُّ حرجٍ أو اضطراب في النسق المعرفي والمنهجي! ثمَّ ما هي إلاَّ بضع سنوات ويمَّمَت الوزارة شطر بيداغوجيا الإدماج[4]؛ حيث تعاقدَت مع أحد خبراء التربية من بلجيكا، وتبعها ناقلو التربية من مترجِمين وشرَّاح، وتركوا ما بأيديهم وانقادوا لآراء الخبير الغربيِّ مباشرة؛ "ولهذا عكف النَّاسُ عليه وساروا بسيره، فلا يُحصى كم ناظم له ومختصِر، ومستدرك عليه ومقتصر، ومعارِض له ومنتصر"[5].



من العوامل الدَّاعية إلى انجرار البحث التربوي وراء الاعتبارات الماديَّة: شيوع القِطاع الخاص في التعليم، واستفادته من هامِش واسعٍ في تعديل المناهِج والبرامج وإضافةِ مواد دراسيَّة، وما رافق ذلك من تحريرٍ للكتاب المدرسي (اعتماد أكثر من كتاب في نفس المادَّة والمستوى الدِّراسي)، ممَّا جعل المنافسةَ التجاريَّة بين دُور النَّشر تَبلغ مداها في استقطاب المؤلِّفين للكتب المدرسيَّة، وشجَّع على ظهور "تعاليم تربوية تكسُّبية" ترافق كل ذلك، مع زهد النَّاشرين في تبنِّي البحوث العلميَّة الرَّصينة التي لا تواكِب الموجةَ التجاريَّة، وقلَّة المهتمين والقرَّاء.



بالعودة إلى السؤال الذي انطلقنا منه، وباستحضارِ الإكراهات والقيود المضروبَة على البحث التربوي العربي: التبعيَّة، الترجمة، الرأسماليَّة - فإنَّنا يمكن أن نتصوَّر الجوابَ مبدئيًّا على النحو الآتي: إنَّ التبعيَّة تدعو إلى التقليد غير الواعي، ممَّا يَنتج عنه نقل كل أدبيَّات التربية الغربية ومفرداتها بحذافيرها؛ فإنَّ "المغلوب مولعٌ أبدًا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيِّه، ونِحلَتِه وسائر أحواله وعوائده..."[6]، غير أنَّ قيد الترجمة سيجعل الباحثَ التربوي مشدودًا إلى الغالب على لسانه، فهو الذي يَختصر أُفُقَه التربوي ويحدِّد وِجهتَه، ومن ثمَّ أصبحنا بصدد تربيةٍ عربيَّة مشرقيَّة استمدادها من اللِّسان الإنكليزي، وتربيةٍ عربيَّة مغربيَّة تمتح من اللِّسان الفرنسي، وهكذا سيعمل هذا القيد على تَضييق الصورةِ التربوية الواردة من الغرب، وسيزيد العاملُ الاقتصادي من تضييقها أكثر؛ حتى لا ينقل منها إلاَّ ما كان له نفعٌ مادِّي مباشر على الأفراد أو المؤسسات؛ كالبيداغوجيات التطبيقية وديداكتيك المواد، ممَّا له سوق نافِقَة.



أمَّا ما يتعلَّق بالتأصيل للتربية في فلسفتها وعلومها (علم النفس وعلم الاجتماع التربويين...) والمطارحاتِ النَّظرية والإشكالات الرَّاهنة التي يُعنى بها البحث التربويُّ الغربي، فغالبًا لا يَكترث لها النَّقَلَةُ العرب، ولا ينقلون منها إلاَّ شذرات لا تعكس الصورةَ الكاملة، ولا تدفع بالمبتدئ في هذا المجال إلى تشوُّف الآفاق الرحبة التي بلغَها أهلُ الشَّأن من الغربيين.



الصورة غير المنقولة:

بمقدورنا أن ندلِّل على ذلكم الجواب المبدئي، بإيراد نماذج من الإشكالات التربويَّة والمواضيع الرَّاهنة التي يبحثها المختصُّون في البلاد الغربية، في حين لا نكاد نجد لها صدًى في الوطن العربيِّ؛ ولا يتعلَّق الأمر هنا بالخصوصية الثقافية؛ أي: كون بعض القضايا التربوية الأجنبية لا تعنينا من قريب أو بعيد فلا معنى لنقلها إلينا؛ وإنَّما نقصد القضايا والموضوعات التي تعالج راهنية المدرسة العربيَّة، وتنفذ إلى صميم الاشتغال التربوي، لكنها لا تجد طريقَها إلى المكتبة العربيَّة بفعل العوامل المتحكِّمة في حركية الورود والتوطين ممَّا ألمعت إليه.



أكتفي في هذا المقام - على سبيل التمثيل - بذِكر أحد المواضيع الإشكاليَّة المطروحة بقوة بين ذوي الاختصاص في المركز، ممَّا هو مسكوتٌ عنه في الهامش العربي، ولم يعطَ حقَّه من الدِّراسة والبحث:

موضوع الاختلاط بين الجنسين في المدرسة؛ إنَّه موضوع قديم متجدِّد، عرف بداياته الأولى في سياق الجدل حول تعليم البنات الذي استمرَّ إلى بدايات القرن العشرين، ثمَّ أخذ منحًى جديدًا مع بروز الحركات النسوية وقوة مطالبها بالمساواة بين الجنسين، والدَّعوة إلى دمقرطة التعليم، وضرورة القضاء على الصوَر النمطيَّة التي تكرِّس التمييز بين الجنسين، وقد شهدت سنوات السبعينيَّات من القرن العشرين سيلاً جارفًا من الكتابات التربويَّة مساوقة في الغالب للمنحى العام الذي أصبحَت تفرضه التوجُّهات الأيديولوجية والحقوقيَّة في الغرب؛ ثمَّ قلَّت الكتابة في هذا الموضوع حين أصبح الاختلاط أمرًا واقعًا ومستقرًّا في المدارس العموميَّة والخصوصيَّة[7]؛ ليعود إلى الواجهة بقوة وتنوع خلال العقدين الأخيرين، وخصوصًا في السنوات الأخيرة.



ثمَّة عدَّة أمور تميِّز الكتابة المعاصرة حول قضية الاختلاط في المدارس، أذكر بعضها اختصارًا:

تعدد المداخِل والحقول المعرفيَّة في تناول الموضوع: فقد تناولها بعضُ الباحثين من جانب الفروق الطبيعيَّة بين الجنسين، سواء في تكوين دماغ كلٍّ من الأنثى أو الذَّكر، وانعكاسات ذلك على الحواس والميول والاختيارات...، ممَّا ينبغي أن يراعى في التخطيط للتربية والتعليم[8].



كما تناولها بعضهم من وجهة نظر تربويَّة، خصوصًا ما يتعلَّق بهندسة المناهج الخاصَّة بالمواد الدراسيَّة؛ حيث يختلف الجنسان في التعاطي مع البرامج الدراسيَّة وتمثُّلها وفهم معطياتها، خصوصًا المواد العلميَّة واللغات، ممَّا يقتضي صياغة منهاج للرياضيات خاصٍّ بالذُّكور وآخر خاص بالإناث، وهكذا في باقي المواد المدرَّسة[9].



في حين تناولها بعضُ الباحثين من مدخل سيكوسوسيولوجيا التربية، وقارب القضيَّة في بُعدها النفسي المتعلِّق بالمتعلم في وسطٍ مختلط، وبعدها الاجتماعي من حيث شبكة العلاقات التي ينسجها، وارتباط كلِّ ذلك بالجوانب القِيَمية المجتمعيَّة[10].



دراسات أكاديمية جماعية ورسمية في الموضوع: فقد صدرت عدَّةُ دراسات جماعيَّة في موضوع الاختلاط بين الجنسين في المدارس، ونظرًا لأهميَّة الموضوع في طابعه الإشكالي من النَّاحيتين: النظريَّة والتطبيقية، فقد اهتمَّت به الكثيرُ من الأجهزة الحكومية المختصَّة بالشأن التربوي في عدَّة دول غربية؛ مثل كندا وفرنسا[11]...



انتقال الموضوع من الدراسة النظرية إلى التطبيق الفعلي: فقد أدخلَت الكثير من الدول الغربيَّة تعديلات على التشريعات التربويَّة بما يَسمح بفتح مدارس خاصَّة بالذكور وأخرى خاصَّة بالإناث، وتتأرجح التجارب التطبيقيَّة بين الفصل الإلزامي بين الجنسين، أو ترك حريَّة الاختيار للآباء وأولياءِ أمور التلاميذ، أو السَّماح بالفصل في المدارس الخاصَّة فقط[12].



كما أنَّ صِيَغ تطبيق الفصل بين الجنسين تتنوَّع في التجارب الدوليَّة والأنظمة التربويَّة، ففي حين تعتمد بعضُ المؤسَّسات التعليمية الفصل في حصص دراسة خاصَّة كالعلوم واللغات والتربية البدنيَّة، تطبِّق مؤسسات أخرى نظامَ الفصول الدراسيَّة غير المختلطة ضمن مؤسَّسات مختلطة، بينما تعتمد مؤسَّسات أخرى نظامَ الفصل الكلي.



اعتماد الدراسات المقارنة: وقد اتخذت المقارنة أبعادًا متعددة؛ منها المقارنة التاريخيَّة بين مراحل اعتماد التعليم المنفصل والتعليم المختلط؛ للنَّظر إلى آثار ذلك في المساواة بين الجنسين والتقليلِ من سطوة الصور النمطيَّة السلبيَّة، والمقارنة بين التجارب الدوليَّة لرصد مخرجات التعليم وفق معايير مضبوطة، ثمَّ المقارنة بين المؤسَّسات المختلطة والمؤسسات المنفصِلة؛ لمعرفة انعكاسات ذلك على كفاءة التدريس ومستوى التَّحصيل الدِّراسي.




ذلك الكم من الدِّراسات المقارنة يدلُّ على مدى تتبُّع التربويين الغربيين لأنظمَة التربية والتعليم والتكوين، والتدخُّل الآني للإصلاح من أجل رَفع مؤشرات الجودة والمحافظة على المكتسبات.



بالرجوع إلى العالم العربي، نجد أنَّ الموضوع المثار على سبيل المثال، لم يأخذ حقَّه من الدراسة، فبعد التنقيب لا نكاد نَظفر ببضعة مقالاتٍ تحوم حول الموضوع، نسجل عليها أنَّها في الغالب الأعمِّ صادرة عن كُتَّاب غير متخصصين في الشأن التربوي من صحفيين ودعاة ومثقَّفين، وأنَّها لا ترقى إلى مستوى البحث التربوي الأكاديمي؛ إذ لا تتجاوز عتبات التعريف بالموضوع والإشارة إلى أهمِّيته والإحالة على جهود التربويين الغربيين وتجاربهم في الأمر[13]، أما الدِّراسات المختصَّة التي تعتمد المنهج العِلمي وتتوسَّل بأدوات البحث الميداني، فهي في حكم المنعدِم أو النادر.



على سبيل الختم:

ولنا أن نتساءل: لماذا أهمل التربويُّون العرب هذا الموضوعَ التربوي الإشكالي؟ لماذا لا نجد ترجمات وافية تعرِّف بانشغالات التربويِّين وعلماء الاجتماع الغربيين، وتنقل الصورةَ واضحةً عن ثمرات جهودهم؟ أليست المدرسة العربيَّة - في الغالب - معنيَّة أصالة بنتائج البحث في الموضوع / المثال؟



ولا شك أنَّ قضايا تربويَّة أخرى مهمَّة مما تناولَته أقلام الغربيين وأفهامهم، لم يبلغها روَّاد التربية العرب، ولم يعرِّفوا أقوامهم / قراءهم بما يروج عند الآخر، ولعلَّ إيثارهم لجانب السلامة وعدم إثارة المواضيع الخلافيَّة والإشكاليَّة - التي قد لا تكون محلَّ رضًا من السلطة السياسيَّة الحاكمة - عامل آخر ينضاف إلى العوامل الثلاثة المذكورة التي تقف عقبات في وجه البحث التربوي الجادِّ في العالم العربي؛ وهكذا تتكاثف تلك العوامل لتشكِّل صمامات تسمح بمرور أقساط من المعرفة التربوية، وتمنع أقساطًا أخرى، ليس على قاعدة نِشْدان الحكمة وتقدير المصالِح والمفاسِد، ولكن لاعتبارات خارجيَّة مفروضة لا تَعلُّق لها بمنهج البحث والروح العلميَّة، فكم في المتروك من فائدة، وكم في الوافد من مضيعة للوقت!



والحمد لله رب العالمين.





[1] انظر مقالنا: "الكتاب المدرسي بين تجاذبات التربية والمقاولة - مقارنة بين سلسلة اقرأ ومتتالية ادفع"، مجلة تربيتنا الإلكترونية، العدد 03 رمضان 1434 - غشت 2013.




[2] نظرية تربوية تُعنى بتحديد الأهداف السلوكيَّة المرادة من المتعلِّم، وجعلها أساسًا لتخطيط الدَّرس وإنجازه وتقويمه؛ ظهرت في أواسط القرن العشرين بالولايات المتَّحدة الأمريكيَّة على يد مجموعة من المتخصِّصين في علم النفس التربويِّ ضمن المدرسة السلوكيَّة، عُرفوا بجماعة شيكاغو منهم رالف تايلر (Ralph Tyler) صاحب "أساسيات المناهج"، ترجمَه إلى العربية: أحمد خيري كاظم وجابر عبدالحميد جابر منذ سنة 1962م، وبنيامين بلوم (B.Bloom) صاحب "تصنيف الأهداف التربوية، المجال العقلي المعرفي"، نشر سنة 1956م، وكراثهول (D.Krathwohl)...




[3] مقاربة تربويَّة تَعتبرُ المعارفَ مجرَّدَ موارد لا بدَّ من تعبئتها، وتستلزم عملاً منتظمًا يتوسل بالوضعية - المشكلة، وتجعل المتعلِّم في محور النَّشاط التعلمي عِوَضَ المدرس أو المضامين، بدأ اعتمادها في التعليم التقني في بعض البلدان المتقدِّمة في سبعينيَّات القرن الماضي، ثمَّ انتقلَت إلى التعليم الأساسي، وانتشرَت في أغلب البلدان النامية مع بداية الألفية الثالثة.




[4] تُعد بيداغوجيا الإدماج إطارًا منهجيًّا لأجْرَأة المقاربة بالكفايات، فإذا كانت الكفاية تقوم على أساس تعبئة مجموعة من الموارد (معارف ومهارات ومواقف)، فإنَّ بيداغوجيا الإدماج هي أداة لتطبيق تلك التعبئة ونَماء الكفاية، اشتهر بها روجريز كزافيي (Rogiers.X).




[5] مع ملاحظة أنَّ ابن حجر حين قال هذا الكلام عن ابن الصَّلاح وكتابِه في علوم الحديث، كان يقصد بيان مزيَّة الكتاب وأفضليَّته واجتهاد أهل التخصُّص في الاعتناء به، أمَّا في مقامنا هذا، فالكلام تعبير عن الرُّكود وسقوط البحث التربوي العربي في أفخاخ الأَسْر الثلاثي: الاستتباع الحضاري، والإلحاق اللغوي، والخضوع للرَّأسمالية.




[6] ابن خلدون، عبدالرحمن: المقدِّمة، الفصل الثالث والعشرون، ص 133، طبعة دار الشعب.




[7] فرنسا مثلاً اعتمدَت الاختلاط بين الجنسين في المؤسَّسات التعليميَّة تدريجيًّا من خلال سَنِّ التشريعات التربوية ابتداء من 1959، ولم يصدر قانون تعميم الاختلاط في كل المؤسسات التعليمية العمومية إلاَّ في سنة 1975، انظر موقع دفاتر تربوية.




[8] من رواد هذا الاتجاه الأمريكي ليونارد ساكس (Leonard Sax)، مؤسس الجمعية الوطنية من أجل التعليم العمومي غير المختلط (the National Association for Single Sex Public Education).




[9] وقد نوقشَت جملة من الأطروحات في علوم التربية حول الفروق بين الجنسين في التعاطي مع العلوم، ينظر مثلاً:

Université de Dijon - France JARLEGAN Annette, 1999, "sexe et mathématiques à l’école élémentaire",

DESPLATS Maryse, 1989, Les femmes et la physique, Université de Strasbourg - France




[10] صدرت في هذا الشأن عشرات الكتب والدراسات في مختلف الدُّول الأوربية وأمريكا، من ذلك:

• Fize Michel, 2003, Les pièges de la mixité scolaire.

Duru - Bellat Marie, Durand - Delvigne Annick, 1998, « Mixité scolaire et construction du genre »

Auduc Jean - Louis, (2009) Sauvons les garçons

Demers Serge, Benett Carole, (2007) La non - mixité en salle de classe. Faire la différence…




[11] ينظر مثلاً التقرير النِّهائي الذي أعدَّته إحدى الجامعات الكندية، وكذا الفعاليات التربوية التي أشرفَت عليها وزارة التربية الوطنية بفرنسا:

L’éducation non mixte, Rapport final, Terri Thompson et Charles Ungerleider, Université de la Colombie - Britannique et Canadian Centre for Knowledge Mobilisation, 30 novembre 2004

Les paradoxes de la mixité filles - garçons à l’école, Perspectives internationales, Rapport pour le PIREF et Conférence du 16 octobre 2003 au Ministère de l’Education Nationale (Paris)




[12] في الولايات المتحدة الأمريكيَّة مثلاً، كانت المؤسسات التي توفِّر فصولاً غير مختلطة لا تتجاوز اثنتي عشرة سنةَ 2002، وخلال الموسم الدراسي 2011 / 2012 أصبح عدد المؤسَّسات أحاديَّة الجنس يتجاوز 506، علمًا أن التشريعات التربويَّة تختلف من ولاية إلى أخرى؛ انظر موقع الجمعية الوطنية للدفاع عن التعليم العمومي غير المختلط: (NASSPE).

انظر تقريرًا عن تجارب مختلف الدول في التعليم غير المختلط في موقع وكيبيديا.




[13] ينظر على سبيل المثال بعض المقالات على مواقع الإنترنت العربية:

العالم يتجه لمنع الاختلاط في التعليم، بتاريخ 25 مارس 2012؛ صحيفة البيان الإماراتية.

الفصل بين الجنسين في التعليم بين الشريعة الإسلامية والدراسات الإنسانية؛ محمد مسعد ياقوت، موقع صيد الفوائد.

الفصل بين الجنسين في المدارس دعوة أوروبية ملحة؛ نرمين العطار، بتاريخ 6 مارس 2005، موقع إسلام ويب.

الدراسات الحديثة عن التعليم المختلط وغير المختلط؛ أحمد إبراهيم خضر، بتاريخ 15 دجنبر 2010،


ومن الكتب القليلة الصادرة في هذا الشأن: الاختلاط وأثره في التعليم؛ لمحمد بن عبدالله الهبدان، 2012.










المصدر...


الساعة الآن 01:42 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM