مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 91)
مختصر البداية والنهاية لابن كثير (سنة 90)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=355243 ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَتِسْعِينَ فِيهَا غَزَا الصَّائِفَةَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ , وَابْنُ أَخِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْوَلِيدِ . وَفِيهَا غَزَا مَسْلَمَةُ أيضا بِلَادَ التُّرْكِ ، حَتَّى بَلَغَ الْبَابَ مِنْ نَاحِيَةِ أَذْرَبِيجَانَ , فَفَتَحَ مَدَائِنَ وَحُصُونًا كَثِيرَةً أَيْضًا وَكَانَ الْوَلِيدُ بن عبد الملك قَدْ عَزَلَ عَمَّهُ مُحَمَّدَ بْنَ مَرْوَانَ عَنِ الْجَزِيرَةِ وَأَذْرَبِيجَانَ , وَوَلَّاهُمَا أَخَاهُ مَسْلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ . وَفِيهَا غَزَا مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ بِلَادَ الْمَغْرِبِ , فَفَتَحَ مُدُنًا كَثِيرَةً , وَدَخَلَ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ , وَوَلَجَ فِيهَا حَتَّى دَخَلَ أَرَاضِيَ غَابِرَةً قَاصِيَةً , فِيهَا آثَارُ قُصُورٍ وَبُيُوتٍ لَيْسَ بِهَا سَاكِنٌ , وَوَجَدَ هُنَاكَ مِنْ آثَارِ نِعْمَةِ أَهْلِ تِلْكَ الْبِلَادِ ، مَا يَلُوحُ عَلَى سِمَاتِهَا أَنَّ أَهْلَهَا كَانُوا أَصْحَابَ أَمْوَالٍ وَنِعْمَةٍ دَارَّةٍ سَابِغَةٍ , فَبَادُوا جَمِيعًا فَلَا مُخْبِرَ بِهَا . وَفِيهَا مَهَّدَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ بِلَادَ التُّرْكِ الَّذِينَ كَانُوا قَدْ نَقَضُوا مَا كَانُوا عَاهَدُوهُ عَلَيْهِ مِنَ الْمُصَالَحَةِ , وَذَلِكَ بَعْدَ قِتَالٍ شَدِيدٍ , وَحَرْبٍ يَشِيبُ لَهَا الْوَلِيدُ وَذَلِكَ أَنَّ مُلُوكَهُمْ كَانُوا قَدِ اتَّعَدُوا فِي الْعَامِ الْمَاضِي فِي أَوَانِ الرَّبِيعِ أَنْ يَجْتَمِعُوا , وَيُقَاتِلُوا قُتَيْبَةَ , وَأَنْ لَا يُوَلُّوا عَنِ الْقِتَالِ حَتَّى يُخْرِجُوا الْعَرَبَ مِنْ بِلَادِهِمْ , فَاجْتَمَعُوا اجْتِمَاعًا هَائِلًا لَمْ يَجْتَمِعُوا مِثْلَهُ فِي مَوْقِفٍ فَكَسَرَهُمْ قُتَيْبَةُ , وَقَتَلَ مِنْهُمْ أُمَمًا كَثِيرَةً , وَرَدَّ الْأُمُورَ إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ , حَتَّى ذُكِرَ أَنَّهُ صَلَبَ مِنْهُمْ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ أَخَذَ مِنَ الْأُسَارَى سِمَاطَيْنِ طُولُهُمَا أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا . وَاتَّبَعَ قُتَيْبَةُ نَيْزَكَ خَانَ مَلِكَ التُّرْكِ الْأَعْظَمَ مِنْ إِقْلِيمٍ إِلَى إِقْلِيمٍ , وَمِنْ كُورَةٍ إِلَى كُورَةٍ , وَمِنْ رُسْتَاقٍ إِلَى رُسْتَاقٍ , وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبَهُ وَدَأْبَهُ حَتَّى حَصَرَهُ فِي قَلْعَةٍ هُنَالِكَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ , حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَ نَيْزَكَ خَانَ مِنَ الْأَطْعِمَةِ , وَأَشْرَفَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ عَلَى الْهَلَاكِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ قُتَيْبَةُ مَنْ جَاءَ بِهِ مُسْتَأْمَنًا مَذْمُومًا مَخْذُولًا , فَسَجَنَهُ عِنْدَهُ , ثُمَّ كَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ فِي أَمْرِهِ فَجَاءَ الْكِتَابُ بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا بِقَتْلِهِ فَجَمَعَ قُتَيْبَةُ الْأُمَرَاءَ فَاسْتَشَارَهُمْ فِيهِ فَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ , فَقَائِلٌ يَقُولُ : اقْتُلْهُ . وَقَائِلٌ يَقُولُ : لَا تَقْتُلْهُ . فَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ : إِنَّكَ أَعْطَيْتَ اللَّهَ عَهْدًا أَنَّكَ إِنْ ظَفِرْتَ بِهِ لَتَقْتُلَنَّهُ , وَقَدْ أَمْكَنَكَ اللَّهُ مِنْهُ . فَقَالَ قُتَيْبَةُ : وَاللَّهِ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ عُمْرِي إِلَّا مَا يَسَعُ ثَلَاثَ كَلِمَاتٍ لَقَتَلْتُهُ . ثُمَّ قَالَ : اقْتُلُوهُ ، اقْتُلُوهُ ، اقْتُلُوهُ فَقُتِلَ هُوَ وَسَبْعُمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ , وَأَخَذَ قُتَيْبَةُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَخُيُولِهِمْ وَثِيَابِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ وَنِسَائِهِمْ شَيْئًا كَثِيرًا , وَفَتَحَ فِي هَذَا الْعَامِ مُدُنًا كَثِيرَةً , وَقَرَّرَ مَمَالِكَ كَثِيرَةً . وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَلَمَّا قَرُبَ مِنَ الْمَدِينَةِ أَمَرَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ نَائِبُ الْمَدِينَةِ أَشْرَافَ الْمَدِينَةِ فَتَلَقَّوْهُ فَرَحَّبَ الْوَلِيدُ بِهِمْ , وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ , وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ النَّبَوِيَّةَ فَأُخْلِيَ لَهُ الْمَسْجِدُ النَّبَوِيُّ , فَلَمْ يَبْقَ بِهِ أَحَدٌ سِوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ , لَمْ يَتَجَاسَرْ أَحَدٌ أَنْ يُخْرِجَهُ , وَإِنَّمَا عَلَيْهِ ثِيَابٌ لَا تُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ فَقَالُوا لَهُ : تَنَحَّ عَنِ الْمَسْجِدِ أَيُّهَا الشَّيْخُ , فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَادِمٌ . فَقَالَ : وَاللَّهِ لَا أَخْرُجُ مِنْهُ . فَدَخَلَ الْوَلِيدُ الْمَسْجِدَ ، فَجَعَلَ يَدُورُ فِيهِ يُصَلِّي هَاهُنَا وَهَاهُنَا , وَيَدْعُو اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : وَجَعَلْتُ أَعْدِلُ بِهِ عَنْ مَوْضِعِ سَعِيدٍ خَشْيَةَ أَنْ يَرَاهُ فَحَانَتْ مِنْهُ الْتِفَاتَةٌ , فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ , أَهْوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , وَلَوْ عَلِمَ بِمَكَانِكَ لَقَامَ إِلَيْكَ وَسَلَّمَ عَلَيْكَ . فَقَالَ الْوَلِيدُ : قَدْ عَلِمْتُ حَالَهُ . وَجَعَلَ الْوَلِيدُ يَدُورُ فِي الْمَسْجِدِ , وَيَتَفَرَّجُ فِي عِمَارَتِهِ , وَيَسْأَلُنِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ.. وَإِنَّهُ ( يعدد فضائله ) وَقَصَدْتُ مُوَافَقَتَهُ فِي ذَلِكَ فَشَرَعَ الْوَلِيدُ يُثْنِي عَلَيْهِ بِالْعِلْمِ وَالدِّينِ فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّهُ ضَعِيفُ الْبَصَرِ , وَإِنَّمَا قُلْتُ ذَلِكَ لِأَعْتَذِرَ لَهُ فَقَالَ الْوَلِيدُ : نَحْنُ أَحَقُّ بِالسَّعْيِ إِلَيْهِ ، فَجَاءَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَقُمْ لَهُ سَعِيدٌ ثُمَّ قَالَ الْوَلِيدُ : كَيْفَ الشَّيْخُ ؟ فَقَالَ : بِخَيْرٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ , كَيْفَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالَ الْوَلِيدُ : بِخَيْرٍ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ , ثُمَّ انْصَرَفَ وَهُوَ يَقُولُ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ : هَذَا بَقِيَّةُ النَّاسِ . ( يعني بقية الناس الصالحين ) فَقَالَ : أَجَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . ثُمَّ خَطَبَ الْوَلِيدُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى , وَانْتَصَبَ قَائِمًا فِي الثَّانِيَةِ , وَقَالَ : هَكَذَا خَطَبَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ . ثُمَّ انْصَرَفَ , فَصَرَفَ عَلَى النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَهَبًا كَثِيرًا وَفِضَّةً كَثِيرَةً , ثُمَّ كَسَا الْمَسْجِدَ النَّبَوِيَّ كُسْوَةً مِنْ كُسْوَةِ الْكَعْبَةِ الَّتِي مَعَهُ , وَهِيَ مِنْ دِيبَاجٍ غَلِيظٍ . مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ حَجَّ بِهِ أَبُوهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَ عُمْرُ السَّائِبِ سَبْعَ سِنِينَ . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ . سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ ررر صَحَابِيٌّ مَدَنِيٌّ جَلِيلٌ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَهُ مِنَ الْعُمْرِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَانَ مِمَّنْ خَتَمَهُ الْحَجَّاجُ فِي عُنُقِهِ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ , هُوَ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ , وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي يَدِهِ , لِيُذِلَّهُمْ كَيْلَا يَسْمَعَ النَّاسُ مِنْ رَأْيِهِمْ . خَتَمَهُ الْحَجَّاجُ فِي عُنُقِهِ : هَذَا عَتِيقُ الْحَجَّاجِ . ( فَعَلَ الحَجاجُ بهم ذلك لأنهم رضي الله عنهم كانوا يقفون مع الصف المُعادي للدولة الأموية ) تُوُفِّيَ عَنْ مِائَةِ سَنَةٍ , وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ فِي الْمَدِينَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ . المصدر... |
الساعة الآن 02:51 PM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
mamnoa 2.0 By DAHOM