شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   الموسوعة الضخمة مواضيع اسلامية هامة جداااااااااااااااااااااااا (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=294)
-   -   تحرير مصطلح: ( رواه الجماعة ) عند الحنابلة (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=421444)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 01-30-2023 04:17 PM

تحرير مصطلح: ( رواه الجماعة ) عند الحنابلة
 
تحرير مصطلح: ( رواه الجماعة ) عند الحنابلة؛ للدكتور عبدالرحمن الطريقي



مصطلح رواه الجماعة عند الحنابلة



د. عبد الرحمن بن علي بن سليمان الطريقي

أستاذ مساعد - قسم الدراسات الإسلامية- كلية التربية

جامعة الملك سعود - الرياض



ملخص البحث

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :

فهذا البحث يتناول مصطلحاً خاصــــاً بفقه الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله تعالى ـ المنقول عنه مباشرة ، وقد جاء التعبير عن هذا المصطلح ( رواه الجماعة ) بصيغ متعددة في كتب المذهب الحنبلي ، تعود جميعها إلى معنى واحد.

وقد وضع هذا المصطلح تلميذ تلاميذ الإمام أحمد بن حنبــل ـ رحمه الله ـ أبو بكر الخلال؛ حيث عبّر به في ديوانه العظيم ( الجامع ) الذي جمع فيه روايات الإمام أحمد من فيّ تلاميذ الإمام مباشرة أو بواسطة .

ويعني بهذا المصطلح ( رواه الجماعة ) أن الرواية نقلها عن الإمام أحمد في تلك المسألة جمع من تلاميذ الإمام يصدق عليهم وصف الجماعة من غير تحديد بعدد أو معدود محددين .

وهذا ما سار عليه من جاء بعد الخلال من فقهاء الحنابلة ، ولم يعرف تحديد هذا المصطلح بعدد ومعدود محددين إلا عند بعض متأخري الأصحاب .

ويظهر مما تقدم أن مصطلح ( رواه الجماعة ) بدأ مع بدايات تدوين فقـــه الإمام أحمد - رحمه الله-

مقدمة

إن الحمد لله، نستعينه ، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله([1])، صلى الله عليه وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسـان ، وسلـم تسليماً كثيراً ، أما بعد :

فإن المصطلح علم و فن قائم بنفسه ، مختلف باختلاف العلوم وتنوعها ، فلكل علم اصطلاحاته التي تخصه ، فهو علم يكشف المعاني، ويزيل الغموض، ليدل على مفهوم يتناوله عند إطلاقه ، وهو وسيلة ومفتاح للعلم ، وضرورة علمية، به تلتقي العقول على دلالات واضحة تنفي اللبس وتدفع الوهم ، وهذا دليل أهميته وبرهان منزلته .

والمصطلحات قد تكون عامة أو خاصة ، شرعية أو وضعية ، وقد اعـتـنى العلماء واهتموا بهذه المصطلحات ، فصنفوا مصنفات عظيمة ، منها مصنفات اعـتـنت بمصطلحات العلوم عامة كـكتـاب (التعريفات)([2])،وكتاب (الكليات )([3]) وكتاب ( كشاف اصطلاحات الفنون )([4]) ، ومنها ما هو خاص بفن أو علم من العلوم، ومن تلك العلوم التي لها مصطلحاتها الخاصة: العلوم الشرعيــة على اختلافها، ومما صنـف فيهـا على سبـيل المثـال: (المفردات في غريب القرآن) ([5])، ولدى المحدثـــين عـلـم ( مصطلح الحديث ) وفيه مصنفات كثيرة من أشهرها كتاب: (علوم الحديث)([6])، وفي الفقه نجد كتباً عدة ألفت على اختلاف المذاهب الفقهية منها: كتاب ( طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية ) ([7]) عند الحنفية ([8]) وعند المالكية كتاب : ( الحدود )([9]) وغيره ، وعنـد الشـافعية كتــاب (حلية الفقهاء)([10]) وغيـــره، وعند الحنابلـــة كتـــاب: (تهذيب الأجوبة)([11])، و( المطلع على أبواب المقنع )([12]) وغيرهما ([13]) ([14]) ، والمذهب الحنبلي شأنه شأن المذاهب الفقهية الأخرى ، له اصطلاحاته الخاصة بإمامه وأصحابه ، ومن جملتها مصطلح ( رواه الجماعة ) .

وكنت أثناء إعداد رسالتي للدكتوراه أرى هذا المصطلح ( رواه الجماعة ) يتكرر كثيراً في كثير من مدونات الحنابلة الفقهية ، لكن هذا المصطلح لم يحض بعناية الباحثين ـ فيما اطلعت عليه ـ الذين قاموا بتحقيق تراث المذهب الحنبلي في رسائل علمية أو غيرها ، فأشكل عليّ كثيراً وبخاصة إذا جاء تفسير المصطلح متفاوتاً عند بعض المصنفين مما يجعل الباحث في حيرة عند إرادة تحديد المراد به ؛ لهذا كان هذا البحث المتواضع ، ومن الله أستمد العون والتوفيق .

وقد انتظمت خطة البحث على مقدمة وتمهيد وموضوع ؛ أما المقدمة ففي بيان أهمية هذا الموضوع وسبب البحث فيه ، وأما التمهيد ففي بيان معنى الرواية والجماعة ، وأما الموضوع ففي الفصول الآتية :

الفصل الأول : في صيغه .

الفصل الثاني : في نشأة مصطلح ( رواه الجماعة ) .

الفصل الثالث : في واضع هذا المصطلح ، وفيه مبحثان :

المبحث الأول : من وضعه ؟

المبحث الثاني : ترجمته .

الفصل الرابع : المراد به عند الحنابلة .

الفصل الخامس : فائدة التعبير به .

ثم ذيلت ذلك بخاتمة بينت فيها أهم النتائج في الفصول السابقة .

وفي الختام ، فإن هذا العمل لا أدعي له الكمال والعصمة ، وحسبي أني اجتهدت قدر طاقتي ووسعي مبتغياً الصواب مجتنباً خلافه ، فإن كان ما أردت فلله الحمد أولاً وآخراً ، وإن كانت الأخرى فأستغفر الله، وأنا عائد للصواب بإذنه تعالى ، فلا تبخل أيها الأخ الباحث ، والقارئ الفاحص بما ظهر لك وهديت إليه على أخيك ، وجزاك الله خيراً ، وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

تمهيد :

وفيه مباحث :

المبحث الأول : معنى الرواية ، وفيه مطلبان :

المطلب الأول : معنى الرواية لغة .

الرواية : مصـدر رَوَى يَرْوِي رِواية ، وتطلق الرواية ويراد بها تحمل الحديث أو الشعر ونحوهما ، ونقله

جـاء في لسـان العرب([15]): « ويقال : روَّى فلان فلاناً شعراً إذا رواه له حتى حفظه للرواية عنه » .

وفي المصباح المنير([16]) : « رويت الحديث : إذا حملته ونقلته ... » .

« وروَّاه الشعر تَرْوِ يةً ، وأروَاه أيضاً : حَمَله على رِوَايته »([17]).

المطلب الثاني : معنى الرواية اصطلاحاً :

يختلف المعنى الاصطلاحي للرواية تبعاً لاختلاف الفنون ، فعلى سبيل المثال الرواية تختلف عند الــمحدثين عنها عند الفقهــاء، فعلم الرواية عند المحدثـين([18])هو: « علم يشتمـل على أقوال النبي ـ e ـ وأفعاله ، وروايتها ، وضبطها، وتحرير ألفاظها »([19]).

وأما علم الرواية عند الفقهاء فيختلف باختلاف المذاهب ، ففي المذهب الحنبلي الرواية هي : ما نقلت نصاّ عن الإمام أحمد([20]) ، أو إيماء أو تخريجاً .

جاء في المسودة([21]): « الروايات المطلقة نصوص للإمام أحمد » .

وقـال ابن حمدان([22]) :« ثم الرواية قـد تكـون نصاً، أو إيماءً، أو تخريجاً من الأصحاب »([23])

وفي شرح المنتهى([24]): « الحكم المروي عن الإمام في مسألةٍ يسمى رواية » .

وفي المذهــب الحنفـي نجــد مــا يسمـى بـ( ظاهــر الروايـة ) ، « وهي مسـائل رويت عن أصحـــاب المذهــب ، وهــم : أبو حنيفـة ، وأبو يوسـف([25]) ، ومحمـد([26]) ـ رحمهم الله تعالى ـ ... »([27]) .

وقد يلحق بهم غيرهم ، « ولكن الغالب الشائع في ظاهر الرواية أن يكون قول الثلاثة ، وكتب ظاهر الرواية كتب محمد الستة : المبسوط ، والزيادات ، والجامع الصغير ، والسير الصغير ، والجامع الكبير ؛ وإنما سميت بظاهر الرواية لأنها رويت عن محمدٍ بروايات الثقات ، فهي ثابتةٌ عنه إما متواترة أو مشهورة عنـه »([28]).

ومما تقدم يظهر الفرق بين معنى الرواية عند الحنابلة عنها عند الحنفية ، فعند الحنابلة تطلق على ما روي عن الإمام أحمـد ـ رحمه الله ـ فحسب ، وعنـد الحنفيـة تطلق ـ في الغالب ـ على ما روي عن الإمام أبي حنيفة و صاحبيه ـ رحمهم الله ـ .

المبحث الثاني: معنى الجماعة، وفيه مطلبان :

المطلب الأول : معنى الجماعة لغة :

الجماعة : تطلق على الجماعة من الناس وغيرهم ، يقال : جَمَع الشيء المفترق فاجتمع ، وتجمَّع القوم إذا اجتمعوا من هنا وهنا([29]).

جاء في المصباح المنير([30]): « والجماعة من كل شيء يطلق على القليل والكثير» .

المطلب الثاني : معنى « رواه الجماعة عند المحدثين »([31]) .

يختلف المراد بهذا المصطلح باختلاف المصنفين في علم الحديث في تحديده عدداً أو معدوداً ، فعند بعضهم يطلق الجماعة على ستة من الرواة([32])، وهم : البخاري ، ومسلم ، ومالك ، والترمذي ، وأبو داود ، والنسائي .

ويطلق عند بعضهم([33]) على سبعة من الرواة ، وهم : الإمام أحمد ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وأبو داود ، وابن ماجه .

وهذا يعنى أنه ليس هناك ضابط محدد ينصرف إليه المصطلح عند إطلاقه لدى المحدثين ، بل لابد لمعرفة المقصود به من النظر إلى قصد مؤلفه وتحديد المراد به لديه .

الفصل الأول : صيغ مصطلح ( رواه الجماعة ) .

للتعبير عن هذا المصطلح صيغ عديدة ، لكنها تدل على معنى واحد ، وهي :

1 ـ صيغة ( رواه الجماعة ) ، وقد عبر بهذه الصيغة الخـلال([34]) ، وكذلك عبر عنهـا بقولـه : « على ما روى عنه الجماعة » . أو قوله : « روى عنه هؤلاء الجماعة »([35]).

وقد درج على التعبير بذلك الأصحاب في مصنفاتهم([36]) .

2 ـ وفي معنى الصيغـة المتقدمـة مـا عبر به بعض الأصحاب عنه بقولهم : ( نقــــل الجماعة ) أو ( نقلها الجماعة )([37]) .

3 ـ صيغة ( رواه جماعة ) أو ( نقل جماعة ) والتعبير بهذه الصيغة المجردة من « أل » كثير في مصنفات الأصحاب ([38]) .

وهذه الصيغة تأتي بمعنى ( رواه الجماعة ) ، وقد يراد بها معنى آخر تكون في مقابلة رواية أخرى رواها جماعة آخرون ([39]) ، ونحو ذلك ، ومما يدل على أنها تأتي بمعنى ( رواه الجماعة ) ما يأتي :

أ ـ جاء في المغـني[40] في مسألة « الذمي إذا أعتق لزمته الجزية لما يستقبل ، سواء كان المعتق مسلماً أو كافراً » قول الموفق([41]) : « هذا الصحيح عن أحمد، رواه جماعة ...». ثم ذكر الموفق عن أحمد رواية أخرى ، وعقب بقوله : « وهَّن الخلال هذه الرواية ، وقال هذا قول قديم ، رجع عنه أحمد ، والعمل على ما رواه الجماعة ... » .

فهنا الموفق عبر في صدر المسألة بقوله : ( رواه جماعة ) ، وحين نقل كلام الخلال جاء فيه : « والعمل على ما رواه الجماعة » . وهذا يدل على اتحاد الصيغتين في المعنى ؛ وإلا لما عبر الموفق بذلك ـ والله أعــلم ـ .

ب ـ جاء في المغني([42]) في حدِّ العورة للرجل : « ... فالكلام في حد العورة ، والصالح في المذهب أنها من الرجل ما بين السُّرَّة والرُّكبة . نصَّ عليه أحمد في رواية جماعة ...» .

وفي الإنصاف([43]) : « الصحيح من المذهب أن عورة الرجل ما بين السرة والركبة . وعليه جماهير الأصحاب . نص عليه في رواية الجماعة » .

ومثله أيضاً ما جاء في المغني([44]) : « ولا تكره قراءة أواخر السُّور وأوساطها في إحدى الروايتين . نقلها عن أحمد جماعة ... » .

وفي الإنصاف ([45]): « قوله : ولا يكره قراءة أواخر السور وأوساطها . هذا المذهب . نقله الجماعة...» .

جـ ـ قال ابن القيم([46]) ـ في معرض حديـثه عن مسقطات وجـوب الختان ـ : « أن يُسلم الرجل كبيراً ويخاف على نفسه منه ، فهذا يسقط عنه عند الجمهور، ونص عليه الإمام أحمد في رواية جماعة من أصحابه »([47]) .

وجاء في الفروع([48]) في كلامه عن هذه المسألة ، وبعد ذكـره للروايات قـال : « قال أبو بكـر : والعمل على ما نقله الجماعة، وأنه متى خشي عليه لم يختتن ... ».

د ـ جاء في شرح الزركشي([49]) : « ونقل عنه جماعة : أن من ملك خمسين درهماً ، أو قيمتها من الذهب وإن كان حلياً ، فهو غني وإن لم تحصل له الكفاية ... »([50]) .

وفي الفروع ([51]): « ونقل الجماعة ([52]) : لا يأخذ من ملك خمسين درهماً أو قيمتها ذهباً وإن كان محتاجاً... » .

هـ ـ جاء في أهل الملل والردة ، للخلال([53]) في مسألة تزوج المسلم بأمة كتابية أن الجماعة نقلوا منعه عن الإمام أحمد .

وفي المغني([54]) حين ذكر رواية منع المسلم من التزوج بأمة كتابية قال : « هذا ظاهر مذهب أحمد ، رواه عنه جماعة » .

ومما تقدم عرضه من النصوص نجد أن التعبير بصيغة ( رواه جماعة ) ونحوها يأتي بمعنى ( رواه الجماعة ) ، حيث عبر بعض الأصحاب في المسائل المتقدمة بإحداهما ، بينما عبر آخرون بالأخرى ، وهذا يدل على عدم التفريق بينهما ، وأن التعبير بهما سائغ لإفادته معنى الآخر ؛ وإلا لما عبروا بذلك . والله أعلم .

الفصل الثاني : نشأة هذا المصطلح ( رواه الجماعة )

كان الإمـام أحمـد لا يرى تدوين فقهـه بل منـع مـن تدوينه ، وشـدَّد في نهيه، فلم يكن ـ رحمه الله ـ يرى تدوين الرأي، وكان يحث على الرجوع إلى الدليل والأخذ منه ، والاعتماد عليه لا على رأيه وفتواه، فلم يصنف كتاباً مستقلاً في الفقه ([55]). قال الـمَرُّوذِي([56]): « وسألته عن أبي بكر الأثرم([57])، قلت : نهيت أن يكتب عنه ؟ قال : لم أقل إنه لا يكتب عنــه الحديث ، إنما أكره هذه المسائل »([58]) .

وقال ابن الجوزي([59]): « وكان ينهى الناس عن كتابة كلامه، فنظر الله ـ تعالى ـ إلى حسن قصده ، فنقلت ألفاظه وحفظت ، فقل أن تقع مسألة إلا وله فيها نص من الفروع والأصول ، وربما عدمت في تلك المسألة نصوص الفقهاء الذين صنفوا وجمعوا »([60]) .

ويقول ابن القيم ([61]): « وكان ـ رضي الله عنه ـ شديد الكراهة لتصنيف الكتب، وكان يحب تجريد الحديث، ويكره أن يكتب كلامه، ويشتد عليه جداً ».

وقد كان الطريق ـ في الغالب ـ إلى فقه الإمام ـ رحمه الله ـ نقلة المسائل ورواتها عنه، وهم كثير([62])، وقد تلقى هذه المسائل عن تلاميذ الإمام تلاميذهم مما هيأ نشأة هذا المصطلح وبروزه ، وبخاصة أن الرواية في ذلك العصر هي السائدة تلقياً وتصنيفاً ، فتلقى الخلال هذه المسائل من رواتها ، وسافر في تحصيلها، حتى جمع قدراً كبيراً من مسائل الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ ، فصنفها، وبوَّبها على أبواب العلم ، ومن ثم نراه يستخدم هذا المصطلح للدلالة على كثرة الرواة عن الإمام أحمد في المسألة المنقولة عنه ، في كتابه ( الجامع )([63])، ومن هنا بدء هذا المصطلح نشأته في الفقه الحنبلي ، وقد تتابع الأصحاب في مصنفاتهم على استخدام هذا المصطلح ، والتعبير به بعد الخلال ، فقد ورد ذكره في الكتب الآتية على سبيل المثال :

1 ــ كتاب الروايتين والوجهين([64]) ، وهو فيه كثير([65]).

2 ــ التعليق الكبير في المسائل الخلافية([66]).

3 ــ الأحكام السلطانية([67]) .

4 ــ الجامع الصغير([68]) .

5 ــ الانتصار في المسائل الكبار([69]) .

6 ــ المغني([70]) .

7 ــ العدة في شرح العمدة ([71]) .

8 ــ الشرح الكبير([72]) .

9 ــ شرح العمدة([73]) .

10 ــ أحكام أهل الذمة([74]) .

11 ــ زاد المعاد في هدي خير العباد([75]) .

12 ــ الطرق الحكمية في السياسة الشرعية ([76]) .

13 ــ الفروع ([77]) .

14 ــ الآداب الشرعية والمنح المرعية([78]) .

15 ــ النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر([79]) .

16 ــ شرح الزركشي على مختصر الخرقي([80]) .

17 ــ الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية([81]) ([82]) .

18ــ القواعد والفوائد الأصولية وما يتعلق بها من الأحكام الفرعية([83]) .

19 ــ غاية المطلب في معرفة المذهب([84]) .

20ــ المبدع في شرح المقنع([85]) .

21 ــ الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف([86]) .

22 ــ تصحيح الفروع([87]) .

23 ــ معونة أولي النهى شرح المنتهى([88]) .

24 ــ كشاف القناع عن متن الإقناع([89]) .

25 ــ شرح منتهى الإرادات([90]) .

الفصل الثالث : بيان من وضعه ، وفيه مبحثان :

المبحث الأول : مــن وضـعـه ؟

يظهر جلياً أن الخلال ، أحمد بن محمد بن هارون ، مدون فقه الإمام أحمد وجامعه ، هو أول من استخدم هذا المصطلح في كتابه : « الجامع » في الفقه الأثري الحنبلي ، فهو الواضع له ولم يكن أحد قبله قد استخدمه في التعبير به في الفقه الحنبلي ، والأدلة على هذا ما يأتي :

1 ـ أن الخلال هو جامع علوم الإمام أحمد، وحافظ مذهب الإمام الأثري، «سمع مسائل الإمام أحمد، ورحل إلى أقاصي البلاد في جمع مسائل الإمام أحمد ، وسماعها ممن سمعها من أحمد ، وممن سمعها ممن سمعها من أحمد ، فنال منها وسبق إلى مالم يسبقه سابق ، ولم يلحقه بعده لاحق ... »([91]) .

قال الخلال في كتاب ( أخلاق أحمد بن حنبل)([92]) : «لم يكن أحد علمت عُنِيَ بمسائل أبي عبد الله ما عنيت به أنا ، وكذلك كان أبو بكر الـمَرُّوذِي ـ رحمه الله ـ يقول لي … » .

وقال الذهبي([93]): « ولم يكن قبله [ يعني الخلال ] للإمام مذهب مستقل حتى تتبع هو نصوص أحمد ودوَّنها وبرهنها بعد الثلاث مائة ، فرحمه الله تعالى »([94]) .

إذا تقرر هذا ، فإن هذا المصطلح وضع للدلالة على أكثرية رواة من نقل المسألة عن الإمام أحمد ، ولا سبيل إلى معرفة ذلك إلا لمن اطلع على رواية من رواها وذلك ما تحقق للخلال دون غيره([95])، فهو من نتاج جمعه وسبره لتلك المسائل .

2 ـ أن الخلال استخدم هذا المصطلح في كتابه « الجامع »، وهو كتاب كبير وضخم ، لم يصل إلى أيدي الباحثين منه إلا القليل، وقد عثرت على هذا المصطلح ( رواه الجماعة ) في كتابه : « أهل الملل والردة والزنادقة وتارك الصلاة والفرائض من كتاب ( الجامع )([96]) في مواضع منه، كقوله : « والذي أختار من قول أبي عبد الله ما روى عنه الجماعة »([97]).

وقوله :« والذي أذهب إليه مما أختار على ما رواه عنه الجماعة وبالله التوفيق»([98]) .

وقوله : « والعمل على مارواه الجماعة ... »([99]) .

وقوله : « ثم روى عنه هؤلاء الجماعة ... »([100]) . وغيرها([101]) .

3 ـ نـص بعض الأصحاب على نسبته إلى الخـلال حـين نقلوا عـنه في مصنفاتهم ، فـفي كتاب الروايتين([102]) ما نصه : « قـال أبو بكر الخلال : ... والذي أختار مـا روى الجماعة ... » . وفي المغني([103]) :« ... ووهَّن الخلال هذه الرواية ، وقال : هذا قول قديم، رجع عنه أحمد، والعمل على ما رواه الجماعة ...»([104]).

وفي هذا دلالة على أن « كل من اتبع هذا المذهب يأخذ من كتبه »([105]).

المبحث الثاني : ترجمة واضعه([106]) ، وفيه مطالب :

المطلب الأول : اسمه وكنيته :

هو أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد البغدادي ، أبو بكر ، المعروف بالخلال([107]) .

المطلب الثاني : مولده :

ولد سنة أربع وثلاثين ومائتين ، وقيل في التي تليها ([108]).

قال الذهبي([109]): « فيجوز أن يكون رأى الإمام أحمد ، ولكنه أخذ الفقه عن خلق كثير من أصحابه »

المطلب الثالث : حياته العلمية([110]) :

بدأ الخلال طلب العلم وهو في مقتبل عمره ، واهتم بمسائل الإمام أحمد على وجه الخصوص ، وصرف عنايته إليها حتى قيل عنه : « أنفق عمره في جمع مذهب الإمام أحمد وتصنيفه »([111]).

ولا غرو في هذا ، فقد رحل ـ رحمه الله ـ إلى بلاد شتى كفارس ، والشام ، والجزيرة ، يتطلب فقه الإمام أحمد وفتاويه ، وتغرّب في سبيل ذلك زماناً حتى نال منها قدراً لم يسبقه إليه سابق ، فكان هو المدون لفقه الإمام وجامعه ومرتبه على الأبواب .

تفقه الخلال على شيخه الـمَرُّوذِي ولازمه حتى مات ، وشيوخه الذين أخذ عنهم العلم كثير يشق إحصاء أسمائهم ، ثم أصبح الخلال إمام المذهب في عصره، وكانت حلقته بجامع المهدي([112]) يؤمها العدد الوفير من طلاب العلم ، برع منهم طائفة كأبي بكر([113]) ، عبد العزيز بن جعفر ، المعروف بغلام الخلال .

وللخـلال مصنفـات جليلـة القــدر ، وبخاصـة في المذهــب الحنبلي ، منها : ( الجامع ) و( العـلل ) و( السنـــة ) ، وغيرها ، وهي تدل على إمامته وسعة علمه.

المطلب الرابع : وفاته :

تـوفـي الخـلال يوم الجمعة ليوميـن خليا من شهر ربـيع الآخــر سـنة إحدى عشرة وثلاثمائة ( 311هـ ) ، وله سبع وسبعون سنة ، ودفن إلى جوار قبر شيخه الـمَرُّوذِي ، قرب قبر الإمام أحمد ـ رحم الله الجميع ـ([114]) .

الفصل الرابع : المراد به عند الحنابلة .

يذهب بعض العلماء إلى أن المراد بمصطلح ( رواه الجماعة ) محدد بسبعة من الرواة عن الإمام أحمد على اختلاف يسير بينهم على النحو الآتي :

أ ) أن المراد بهم سبعة ، وهم :

1ـ صالح بن أحمد بن حنبل([115]) .

2ـ عبد الله بن أحمد بن حنبل([116]) .

3 ـ حنبل بن إسحاق بن حنبل([117]) .

4ـ أبو بكر أحمد بن محمد الـمَرُّوذِي .

5 ـ إبراهيم الحربي([118]) .

6ـ أحمد بن حميد المشكاني،أبو طالب([119]) .

7 ـ عبد الملك بن عبد الحميد الميموني([120]) .

جاء في حاشية المنتهــــى([121]) : « ... وحيث أطلق الجماعة ، فالمراد بهم : عبد الله ابن الإمام ، وأخوه صالح ، وحنبل ابن عم الإمام ، وأبو بكر الـمَرُّوذِي، وإبراهيم الحربي ، وأبو طالب ، والميموني ... » ([122]) .

ب ) أن المراد بهم سبعة ، وهم([123]) :

1 ـ أبو طالب ، أحمد بن حميد المشكاني .

2 ـ إبراهيم الحربي .

3 ـ حرب بن إسماعيل الكرماني([124]) .

4 ـ عبد الملك الميموني .

5 ـ عبد الله ابن الإمام .

6 ـ صالح ابن الإمام .

7 ـ حنبل بن إسحاق بن حنبل ( ابن عم الإمام ) .

ومما تقدم يظهر الاختلاف بين الفريقين في اعتبار بعض الرواة منهم ، فلم يُعد الـمَرُّوذِي من الجماعة عند الفريق الثاني ولم يُعد حرب منهم عند الفريق الأول واتفقا على أن بقية الرواة يدخلون في هذا المصطلح .

وهــذا الحصـر في العدد والمعدود مــن الرواة فيه نظــر ، فلم أعثر عليه عنـد المتقدمين أو المتوسطين من الأصحاب ، بل جاء عندهما بخلاف الحصر الآنف ، وإنما وجد عند بعض المتأخرين من الأصحاب ، فوجدته منسوباً للعلامة محمد الفارضي ( ت 981هـ([125]) ) ، ولم أقف في نسبته ـ بهذا التحديد ـ إلى أحد قبلــه([126]) ، ونسبــه الشيـــخ سليمــان بن حمــدان([127]) إلى الشيخ محمد الخلوتي( ت 1088 هـ([128]) ) فقال([129]) : « حيث أطلق الجماعة ، فالمراد بهم : عبد الله ابن الإمام أحمد ، وأخوه صالح ، وحنبل ابن عم الإمام ، وأبو بكر الـمَرُّوذِي ، وإبراهيم الحـربي ، وأبو طالـب ، والميموني ـ رضي الله عنهـم ـ ، قـاله الشيخ محمد الخلوتي » .

تحقيق المراد به :

تقرر فيمـا سبــق أن مصطلح ( رواه الجماعـة ) مـن صنـع الخـلال ، واستعمله في كتابه ( الجامع ) ، وهذا يحتم على الباحث النظر إلى مراد واضعه ، وقصده من اصطلاحه ما أمكن ، والذي يظهر لي من المواضع التي وقفت عليها وساق فيها الخلال مصطلحه ( رواه الجماعة ) أنه لم يقصد به عدداً مقدراً ، أو معدوداً محدداً بعينه ، وقد دل على هذا ما يأتي :

1 ـ قال الخلال في باب ( الصغير يؤسر مع أحد أبويه )([130]) : « قال أبو بكر([131]) : روى هذه المسألة أربعة أنفس عن أبي عبد الله بخلاف ما قال علي ابن سعيد([132]) ؛ وما روى علي بن سعيد ، فأظن أنه قول لأبي عبد الله ثم رجع إلى أن يحمل ولا يترك ، وهو مسلم إن مات أو بقي ، وهو أشبه بقول أبي عبد الله وبمذهبه ... والذي اختار من قول أبي عبد الله ما روى عنه الجماعة ؛ لأن لا يترك ، وبالله التوفيق » .

وهذا النص سبقه ذكر الروايات في المسألة ، فنقل علي بن سعيد عنه ما يدل على أن الصبي إذا أسر يسلم لأهل دينه في أحد حصون الروم .

ونقل أبو بكر الـمَرُّوذِي، ويعقوب بن بختان([133]) ،وإسحاق بن إبراهيم([134]) عنه أنه يحمل ولا يترك ([135]) .

والملاحظ أن الخلال أطلق الجماعة في هذه المسالة على أولئك العدد الذين نقلوا هذه الرواية عن أحمد بخلاف ما نقل علي بن سعيد ، وهم يقلون عدداً ، ويختلفون ذواتاً عن المصطلح الذي قرره بعض المتأخرين من الأصحاب ، فحصروه في عدد ومعدود محددين .

2 ـ جاء في مسألة تبعية الصغير لأبويه الكافرين أو أحدهما حال وجودهما وكفالتهما له، أو أحدهما روايات عن الإمام أحمد ، اختار الخلال منها ما رواه عنه الجماعة، وممن رواها عنه إسحاق بن منصور([136])، وإسحاق بن إبراهيم، فجعلهما الخــــلال من الجماعة، وهما لا يدخــلان عند من حصرهم بأولئك الرواة ([137]).

3 ـ روى يعقوب بن بختان عن أحمد في الجزية ، هل للإمام التخفيف عن الكفار منها ؟ فقال : لا .

ونقل أبو بكر الأثرم ، وأبو طالب ، وأحمد بن القاسم([138])، وعبد الله بن أحمد ، وغيرهم في الجزية أن للإمام أن يزيد وينقص فيها ، وليس لمن دونه ذلك([139]) .

قال أبو بكر الخلال([140]) : « والذي عليه العمل من قول أبي عبد الله أنه للإمام أن يزيد في ذلك وينقص ، وليس لمن دونه أن يفعل ذلك ، وقد روى يعقوب بن بختان خاصة عن أبي عبد الله أنه لا يجوز للإمام أن ينقص من ذلك ، ثم روى عن أبي عبد الله أصحابه في عشرة مواضع أنه لابأس بذلك ، ولعل أبا عبد الله تكلم بهذا في وقت العمل من قوله على ما رواه الجماعة ، بأنه لابأس للإمام أن يزيد في ذلك وينقص ...» ا. هـ .

4 ـ ذكر الخلال([141]) أن الجماعة نقلوا عن أحمد كراهية([142]) التزويج بإماء أهل الكتاب، وممن نقل ذلك أبو داود([143])، وأبو طالب، والـمَرُّوذِي، وإسحاق بن منصور،وإسحاق بن إبراهيم([144])،وصالح([145])،والميموني([146])، وغيرهم .

ونقــل أحمـد بن القـاســم عــن أحمـد قوله : « إن الكـراهيـة في ذلك ليسـت بالقوية ... »([147]) .

وفي رواية الأثرم أجاب بذكر الاختلاف ([148]) ، ثم قال الخلال([149]) : « لم ينفذ لأبي عبد الله قول يعمل عليه في هذا ، وإنما حكى قلة تقوية ذلك عنده ، والعمل على ما روى عنه الجماعة من كراهيته ذلك . وبالله التوفيق » ا. هـ .

5 ـ جاء في باب ( الرجل يتبع قرابته المشرك ) . يعني جنازته ، وبعد أن ساق الروايـات فيه قال الخـــلال([150]): « قال أبو بكر الخـلال : كأن أبو عبد الله لايعجبــه ذلــك في مسألة محمد بن موســى([151])، ثم روى هؤلاء الجماعة أنه لا بأس ... » .

ومن الجماعة المشار إليهم بقوله : « هؤلاء الجماعة » ممن ساق روايتهم في ذلك : محمد بن الحسن بن هارون([152]) ، وأبو طالب ، وحنبل ، وإسحاق بن منصور ، وصالح([153]) .

6 ـ جـاء في باب ( أم ولـد النصراني تسلم ) ، وبعـد أن ذكـر الروايات في الباب قال([154]) : « قـلت : الذي أذهب إليه من قول أبي عبد الله بعد ما روى عنه الجماعـــة التوقـــف ، والاحتجــاج في الأقــاويل ما حــكى عنــه إسحـاق ابن منصور، والمشكاني([155]) أنه ممنوع من وطئها وبيعها ... وإذا مات فهي حرة » .

فقوله : « بعد ما روى عنه الجماعة التوقف » . يعني بالجماعة أولئك الرواة الذين ذكر رواياتهم في هذا الباب، وهم : أبو بكر الـمَرُّوذِي،وا لفضل بن زياد([156])، وأبو طالب، ويوسف بن موسى([157])، وحرب، وهذه الروايات تفيد توقف الإمام أحمد([158]) .
يتبع



المصدر...


الساعة الآن 01:26 PM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM