شبكة ربيع الفردوس الاعلى

شبكة ربيع الفردوس الاعلى (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/index.php)
-   الموسوعة الضخمة المتنوعة ------------ رمضان (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/forumdisplay.php?f=298)
-   -   فضائل الصيام (http://rabie3-alfirdws-ala3la.net/vb/showthread.php?t=270621)

ربيع الفردوس الاعلى و روضة القران 06-06-2016 06:26 PM

فضائل الصيام
 
فضائل الصيام


الشيخ صلاح نجيب الدق









الحمد لله، حمدًا طيبًا طاهرًا، مباركًا فيه، ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، الذي أرسله ربه هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، أما بعد:

فإن الصوم له فضائلُ وأحكامٌ وآداب، يجب على كل مسلم أن يتعرف عليها؛ لكي يرفع ثواب ومنزلة صومه عند الله تعالى، فأقول وبالله تعالى التوفيق:

معنى الصوم:

الصوم في اللغة:

الإمساك عن الشيء، والترك له، وقيل للصائم: صائمٌ؛ لإمساكه عن المطعم والمشرب والجماع، وقيل للصامت: صائم؛ لإمساكه عن الكلام؛قال الله تعالى إخبارًا عن مريم عليها السلام: ﴿ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا ﴾ [مريم: 26]؛ أي: إمساكًا عن الكلام؛ (لسان العرب لابن منظور جـ 4 صـ 2530).



الصوم في الشرع:

الإمساك عن الطعام والشراب، وجِماع النساء، وسائر المُفطِرات، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، بنيَّة التعبد لله تعالى؛ (الفقه على المذاهب الأربعة جـ 1 صـ 453).



فضل الصيام في القرآن:

قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].



قال ابن كثير - رحمه الله -: يقول تعالى مخاطبًا للمؤمنين من هذه الأمة وآمرًا لهم بالصيام، وهو: الإمساك عن الطعام والشراب والوِقاع (الجِماع) بنيَّة خالصة لله عز وجل، لِما فيه من زكاة النفس وطهارتها، وتنقيتها من الأخلاط الرديئة، والأخلاق الرذيلة،وذكر أنه كما أوجبه عليهم فقد أوجبه على مَن كان قبلهم، فلهم فيه أسوة، وليجتهد هؤلاء في أداء هذا الفرض أكمل مما فعله أولئك؛ كما قال تعالى: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ [المائدة: 48]؛ ولهذا قال ها هنا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]؛ لأن الصوم فيه تزكيةٌ للبدن، وتضييقٌ لمسالك الشيطان؛ (تفسير ابن كثير جـ 2 صـ 173).



فضل الصيام في السنَّة:

(1) روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله: كلُّ عمل ابن آدم له، إلا الصيام؛ فإنه لي، وأنا أجزي به، والصيام جُنَّةٌ، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتَله، فليقل: إني امرؤٌ صائمٌ، والذي نفس محمدٍ بيده، لَخُلُوفُ فم الصائم أطيبُ عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما؛ إذا أفطر فرح، وإذا لقِي ربَّه فرح بصومه))؛ (البخاري حديث 1904 / مسلم - كتاب الصيام حديث 163).



فائدة هامة: سُئل سفيان بن عيينة عن قوله: (كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام؛ فإنه لي، وأنا أجزي به)، فقال - رحمه الله -: إذا كان يوم القيامة يحاسب الله عز وجل عبده، ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله، حتى لا يبقى إلا الصوم، فيتحمل الله ما بقي عليه من المظالم، ويُدخله بالصوم الجنة؛ (شرح السنة للبغوي جـ 6 صـ 224).



ويحكى عن سفيان بن عيينة أيضًا في قوله: (الصوم لي وأنا أجزي به)، قال: لأن الصوم هو الصبر، يصبِر الإنسانُ عن المطعَم والمشرَب والنكاح، وثواب الصبر ليس له حساب، ثم قرأ: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]؛ (شرح السنة للبغوي جـ 6 صـ 244).



(2) روى الشيخانِ عن سهلٍ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن في الجنة بابًا يقال له: الرَّيَّان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحدٌ غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون، لا يدخل منه أحدٌ غيرهم، فإذا دخلوا أُغلِق فلم يدخل منه أحدٌ))؛ (البخاري حديث 1897 / مسلم حديث 1152).



(3) روى الشيخان عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن صام يومًا في سبيل الله، بعَّد الله وجهَه عن النار سبعين خريفًا))؛ (البخاري حديث 2840 / مسلم حديث 1153).



(4) روى النَّسائي عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله، مُرْني بأمرٍ ينفعني الله به، قال: ((عليك بالصيامِ؛ فإنه لا مِثلَ له))؛ (حديث صحيح) (صحيح سنن النسائي للألباني حديث 2098).



(5) روى الشيخان عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدم من ذنبه))؛ (البخاري حديث 1901 / مسلم حديث 760).



(6) روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه))؛ (البخاري حديث 2014 / مسلم حديث 759).



(7) روى الشيخان عن عبدالله بن مسعود، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم شبابًا لا نجد شيئًا، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر الشباب، مَن استطاع الباءةَ فليتزوَّج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصَن للفَرْج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاءٌ))؛ (البخاري حديث 1905 / مسلم حديث 1400).



(8) روى مسلمٌ عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان - مكفِّراتٌ ما بينهن، إذا اجتنب الكبائر))؛ (مسلم جـ 1 - كتاب الطهارة حديث 16).



(9) روى البخاري عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخل شهر رمضان، فتحت أبواب السماء، وغُلِّقت أبواب جهنم، وسُلْسلت الشياطين))؛ (البخاري حديث 1899).



(10) روى مسلمٌ عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوالٍ، كان كصيام الدهر))؛ (مسلم حديث 1164).



(11) روى مسلمٌ عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة، فقال: ((يُكفِّر السنة الماضية))؛ (مسلم حديث 1162).



(12) روى ابن ماجه عن زيد بن خالدٍ الجهني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن فطَّر صائمًا، كان له مِثل أجرهم من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا))؛ (حديث صحيح) (صحيح ابن ماجه للألباني حديث 1417).



(13) روى الترمذي عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((تُعرَض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحبُّ أن يُعرَض عملي وأنا صائمٌ))؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 596).



فوائد ترك الطعام والشراب:

قال ابن رجب الحنبلي - رحمه الله -: إن الصائم يتقرب إلى الله بترك ما تشتهيه نفسه من الطعام والشراب والنكاح (الجِماع)، وهذه أعظم شهوات النفس، وفي التقرُّب بترك هذه الشهوات بالصيام فوائدُ:

(1) كسر النفس؛ فإن الشِّبَع والرِّي تحمل النفس على الأشَر والبطَر والغفلة.



(2) تخلي القلب للفكر والذِّكر؛ فإن تناول هذه الشهوات قد تقسِّي القلب وتعميه، وتحول بين العبد وبين الذكر والفكر، وتستدعي الغفلة، وخُلُو الباطن من الطعام والشراب ينور القلب، ويوجب رقَّتَه، ويزيل قسوته، ويُخْليه للذِّكر والفكر.



(3) أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه بإقداره له على ما منعه كثيرًا من الفقراء من فضول الطعام والشراب والنكاح، فإنه بامتناعه من ذلك في وقت مخصوص وحصول المشقة له بذلك يتذكر به مَن منع من ذلك على الإطلاق، فيوجِب له ذلك شكرَ نعمة الله عليه بالغنى، ويدعوه إلى رحمة أخيه المحتاج، ومواساته بما يمكن مِن ذلك.



(4) أن الصيام يضيق مجاري الدم، التي هي مجاري الشيطان من ابن آدم؛ فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فتسكن بالصيام وساوسُ الشيطان، وتنكسر سَوْرة الشهوة والغضب؛ ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم الصوم وِجاءً؛ لقطعه عن شهوة النكاح.




واعلم أنه لا يتم التقربُ إلى الله تعالى بترك هذه الشهوات المباحة في غير حالة الصيام إلا بعد التقرب إليه بترك ما حرَّم الله في كل حال؛ مِن الكذب والظلم والعدوان على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن لم يدع قول الزور والعملَ به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))،قال بعض السلف: أهون الصيام ترك الشراب والطعام،وقال جابر بن عبدالله: إذا صمتَ فليصُمْ سمعُك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودَعْ أذى الجار، وليكُنْ عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعَلْ يومَ صومك ويوم فطرك سواءً؛ (لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي صـ 291: 290).







المصدر...


الساعة الآن 04:05 AM

Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات

mamnoa 2.0 By DAHOM