شبكة ربيع الفردوس الاعلى - الحكم على الحديث بالصحة والضعف اجتهاد علمي

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد؛
تصحيح وتضعيف الأحاديث النبوية والآثار عملية اجتهادية، يستفرغ العالم المحدث وسعه لدراسة الحديث عن طريق جمع طرقه وشواهده، ودراستها ليعرف هل يتوفر فيه شروط الحديث الصحيح أم لا.
وشروط الحديث الصحيح خمسة وهي : إتصال السند وعدالة الرواة وتمام ضبط الرواة ، وخلو المتن من العلة القادحة وخلوه من الشذوذ.
فإذا توفرت في الحديث هذه الشروط فهو صحيح ، وإن خف ضبط الرواة أو بعضهم فهو الحسن ، وإن تخلف وجود شرط أو أكثر فهو الضعيف وهو أقسام كثر مثل المنقطع والمعضل والمرسل والشاذ والمنكر، وغيرهم مما هو معروف.
فهذه العملية عملية اجتهادية ، للمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد وخطؤه مغفور.
والفيصل في اختلاف المحدثين في الحديث الواحد هو مدى توفر اجتهادهم على الأدلة العلمية الحديثية على صحة حكمه سواء بالصحة أم بالضعف.
وعلوم الحديث قواعد مضبوطة ، وإن كان بينهم اختلاف فهو قليل.
وأسباب اختلافهم كثيرة منها :
اختلافهم في الحكم على الراوي بين معدل ومجرح له، واختلافهم بالحكم على السند بالوصل او القطع، واختلافهم في قبول زيادة الثقة أم لا.
وهذه بحور من العلم والمعرفة، وتفاوت الناس فيها أمر لا يتطلب برهان، ولذلك نجد اختلافا كبيرا بينهم، وهذا ميدان سباق، والموفق فيه من وفقه الله تبارك وتعالى.
وعلى طالب العلم النظر إلى إختلافهم بعلم ، فلا مجال للهوى أو الميل النفسي أو العبث في هذا ، بل لا يختلفون إلا لسبب علمي معتبر .
ولابد من إلتماس العذر لهم في ذلك، لأنهم بشر يخطئون ويصيبون، ولا يتعمد أحد منهم مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هم المبلغون عنه سنته للناس ، ومسؤوليتهم عظيمة، لأنهم الموقعون عن سنته بصحة نسبتها إليه ام لا.
ومن ورع الرجل أن يتراجع عن تضعيف الحديث إلى تصحيحه أو العكس متى تبين له ذلك ، بل يوصي بذلك المحدث أتباعه فيقول : " إذا صح الحديث فهو مذهبي " .
وفرض غير المتخصص تقليد من يثق في علمه وورعه في الحكم على الحديث، أما من من الله عليه بالقدرة على دراسة السنة فعليه إعمال قواعدهم في الوصول إلى الحق.
وتوحيد جهود المحدثين وطلبة العلم بالحوار والمذاكرة للتفاق على مناهج التخريج ودراسة الأسانيد يقرب الفجوة بينهم، ويسرع دراسة السنة النبوية بمجملها، وإن كان التنوع سنة كونية ففيه محاسن ومساوئ ، واتباع الراسخين في هذا العلم سبيل قويم ومنهج سليم في بقاء إرث النبوة وسبب في تضييق الخلاف ،
والله أعلم.

المصدر...